إعتكاف النساء بين الأجر والإثم الاعتكاف من السنن التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم للرجال والنساء على حدٍ سواء ، ويتميز شهر رمضان المبارك بكثرة المعتكفين والمعتكفات في المساجد الكبرى ومنها الحرمان الشريفان ، ولأن المرأة تختلف عن الرجل في مسألة اعتكافها .. " المدينة" فتحت ملف اعتكاف النساء وهل ثمة ايجابيات وسلبيات ؟ وهل الأفضل اعتكافها بالمسجد أم مكوثها بالبيت ؟ وهل ثمة شروط لاعتكافها وغيرها من الأسئلة في ثنايا هذا التحقيق:
لا يُقدم المسْنُون على الواجب
بدايةً يؤكد الشيخ سلطان بن عثمان البصيري "القاضي بالمحكمة الإدارية بالمدينة المنورة" أن الاعتكاف سنة ولا يجوز للمرأة أن تقدم المسْنون على الواجب وهو شؤون بيتها فيقول:"الاعتكاف سنة بإجماع أهل العلم كما قال الإمام أحمد رحمه الله ، وقيام المرأة بشؤون بيتها مما أوجبه الله عليها ، فلا يجوز لها أن تعمل المسْنون وتترك الواجب ، فالقاعدة الشرعيّة تبيّن أن المسنون أي المندوب لا يُقدّم على الواجب في حال تعارضهما بل يُقدّم الواجب ، والمراد بذلك أن المرء لو عرض له أمر ليس له خيار فيه إلا أن يُقدم على أمر مسنون أو أن يُقدم على أمر واجب فيلزمه تقديم الواجب ، وتقديم الواجب أفضل له ، ومما يدلّ على ذلك قول الله تعالى في الحديث القدسي : ( وما تقرّب عبدي إليّ بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه ) رواه البخاري"
إلا بإذن
واستطرد البصيري فقال:"قال ابن المنذر وغيره من أهل العلم : إن المرأة لا تعتكف حتى تستأذن زوجها وأنها إذا اعتكفت بغير إذنه كان له أن يخرجها ، واستدلوا بما ورد في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم للاعتكاف في المسجد ومعها حفصة رضي الله عنها ، فكون المرأة تعتكف دون إذن زوجها تعدّ قد فعلت أمراً محرماً ، وفعلها للمحرّم قد يفوّت عليها أجر اعتكافها الذي هو مسنون ، فتكون قد كسبت وزراً من حيث أرادت أجراً ، هذه أبرز سلبية من حيث الاعتكاف دون إذن وليّ الأمر ، أما من حيث عدم قربه من المرأة كأن تكون معتكفة في المسجد الحرام وهو بعيد عن المسجد الحرام فسلبيّة هذا الأمر واضحة ، فقد يعرض للمرأة ما يلزم منه وجود وليّ أمرها ، ومن جهة أخرى فإن اعتكاف المرأة في المسجد الحرام والمسجد النبوي في هذا الزمن لا ينصح به وإن كان الأصل جوازه بل مشروعيته كغيرها من المساجد ، فقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن اعتكاف المرأة في المسجد الحرام و المسجد النبوي فقال : «والمشاهد للمسجدين الشريفين المسجد الحرام والمسجد النبوي يرى أن الأفضل أن لا تعتكف المرأة في المسجد ؛ لأنها لا يمكن أن تنفرد بمكانها بخلاف الأمر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه يمكن أن تضرب المرأة خباءً لها في المسجد وتبقى فيه، لكن في الوقت الحاضر لا يمكن هذا، فيحصل في اعتكافها من الشر والبلاء والفتنة ما لا ينبغي أن يكون في المسجدين، ربما تنام المرأة في مكانها فيمر الناس منها ذاهبين وراجعين وربما تتكشف؛ لأن بعض الناس إذا نام لا يحسّ بنفسه بل أكثر الناس.» انتهى كلامه رحمه الله.
الترغيب في الاعتكاف
ويُشارك د. عبد الكريم آل غضية "مفتي المسجد النبوي " مبينا أهمية الاعتكاف وأنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيقول:"الاعتكاف الحقيقة هو من السنن التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وحث عليها بل فعلها صلى الله عليه وسلم لأن هذه الأيام التي يعتكف فيها هي من شهر رمضان وكلنا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى هذه الأيام ، لأن فيها ليلة وهي التي خيرٌ من ألف شهر ، فليلة القدر في هذه العشر الأواخر لكن غاب عن النبي صلى الله عليه وسلم ليلتها لذا كان يعتكف جميع العشر وكان يُرغب الأمة النبي صلى الله عليه وسلم بالاعتكاف ومن هذه الأمة النساء ، فالنساء ربما يشاركن بالاعتكاف ، والاعتكاف هو أن يلزم الإنسان المسجد لطاعة الله جل وعلا ، لذلك ملازمة المسجد إنما لذكر الله وقراءة القرآن والاستغفار ، وتذكر بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكفنا معه على شكل أفراد إلا أنه حصل في أواخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف وكان من هديه إذا أراد أن يعتكف يُنصب له خيمة حتى يعتزل فيها الإنسان حتى وهو في المسجد لا يكثر الخلطة فكان النبي صلى الله عليه وسلم تُضرب له قبة يجلس فيها وهناك من الصحابة من يفعل له ذلك فهذا يدل على أن يلزم في الاعتكاف أن ينقطع الإنسان انقطاعا تاما ولو كانوا رجالا وفي المسجد وفي آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم التفت بعد أن ضُربت له القبة فوجد قبابا " أي خياما أو بيوت شعر أو غيرها كما في الروايات" تضرب بجوار بيته فقال ما هذه؟ قالوا :هذه أخبية نسائك ،فقال :ألبر أردن "يعني هل هذا العمل الذي قمن به من أجل البر؟" بعد ذلك قرر النبي صلى الله عليه وسلم قرارا عجيبا وهو أنه أمر بان يُهدم وأعلن أنه لن يعتكف هذا العام كل ذلك ليرشدنا لشيء وهو أن وجود نساء مع الرجال أمر لا يصلح ولا يحصل اجتماع النساء بالرجال ".
هذا خلاف البر
هذا والله اعلم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين